Monday, February 19, 2007

 

الحرب أم السلام ؟

الاثنين 19 شباط 2007
السلام عليكم
مازالت الاخبار من العراق مزعجة وغير مريحه , التفجيرات لم تتوقف, صحيح انها قلت عما كانت عليه قبل اسابيع , وصحيح ان فرق الموت قللت تواجدها, لكن الناس هناك مازال الخوف يسيطر عليهم ويعتقدون ان هذا الوضع مؤقت بسبب تطبيق الخطة الامنية الجديدة , ومحاصرة قوات الاحتلال مع الشرطه والجيش العراقيين للمناطق, ومداهمة مقرات المليشيات المشبوهه المتورطه في اعمال العنف الطائفية, والعثور على اسلحة ومتفجرات.
البعض يقول هذه الخطه جاءت متاخرة, حيث هذه المليشيات المجرمه كبرت وانتشرت وصار لها سلطة في الشوراع اقوى من سلطة الحكومة وقوات الاحتلال
وهذا البعض مازال خائفا ان هذه المليشيات الان اختبأت مؤقتا, وسوف تعود لتفتك بالشعب العراقي سنة وشيعة , لتنفذ مخططا لتقسيم العراق, غالبية العراقيين يطير عقلهم منه , لا يتقبلون فكرة تقسيم البلاد الى اقاليم او فدراليات طائفية
والبعض يرى ان الامور تجري باتجاه ايجابي نحو حسم العنف , وضبط الاوضاع , وهذه خطوات نحو الاستقرار في العراق
انا شخصيا اتمنى ان يكون الاحتمال الثاني هو الصحيح
لكن لا احب ان اكون ساذجه فالمشاكل لا يتم حلها بمجرد الامنيات
الواقع يقول شيئا اخر....
الحل في العراق ينبغي ان يكون سياسيا قبل ان يكون عسكريا
يعني عندما تشترك كل القوى الوطنيه الموجوده على الساحه العراقية في حكومة وحدة وطنيه, نصدق ان هذه ستكون الخطوة الاولى في الاتجاه الصحيح , الكل سيعمل على تهدئة الامور وخفض العنف من اجل انقاذ البلاد , ثم الكل سيعمل على اعادة اعمار البلاد والكل سيستفيد

اما اذا تم تهميش جزء من العراقيين, فسيكون هذا فعل سلبي غبي ,
هذا الجزء المهمش سيظل يثير المشاكل ويعرقل عمل الحكومه وينغص حياتها
أنا اتكلم عن قوى وطنيه عراقيه ولا اتكلم عن ارهابيين وقاعدة وكلام فارغ
هؤلاء ليسوا ضمن القوى الوطنية العراقية
العدالة مطلوبه, والتوازن مطلوب, هذان هما السبيل لاخراج البلاد من محنتها
اما سفك الدماء, والعنف, والهجومات العسكريه, فهذه كلها اساليب فاشله لتحقيق الاستقرار في البلاد

************************
أنا لست اعمل في السياسة لكن تجارب الحياة علمتني كيف يمكن ان نتصرف وقت الازمات
والحل الوحيد العاقل لخلق عراق آمن مستقر هو مشاركة العقول العراقية الوطنيه في صناعة
القرار الذي يخص مستقبل العراق
يعني منذ اربع سنوات
ادارة بوش تشجع وتؤيد في العراق الفئة التي تلبي طلباتهم فقط
الفئة التي تطيع اوامرهم فقط
الفئة التي تمرر طلب تجديد بقاء قوات الاحتلال الى الامم المتحدة دون استشارة الشعب العراقي
الفئة التي تؤيد فكرة الدستور المشوه الجديد وفكرة الطائفية والاقاليم وتقسيم العراق
الفئة التي تؤيد تمرير قانون استثمار النفط العراقي لعشرات السنين القادمة
بشروط ظالمه ضد ثروات الشعب العراقي وضد مصلحة الشعب العراقي
البلد تدمر ويحتاج الى مليارات الدولارات لترميم البنية التحتيه وتهيئة وظائف للعراقيين ليعيشوا حياة كريمه
لا نريد لبلد مثل العراق ان يرتبط بالبنك الدولي يستنزف اقتصاده بشروط سخيفة تؤذي الناس
لا نريد ان يزداد الاغنياء غنى والفقراء فقرا كما رأينا في دول كثيرة في العالم نتيجة سياسات الخصخصة
والسوق الحرة وغيرها من قوانين العولمة الجديدة التي تظلم وتفقر غالبية الشعب وتغني عددا محدودا
من اشخاص او شركات
هذه الافكار تريد ادارة بوش تطبيقها لعراق المستقبل
كثير من الوطنيين المثقفين العراقيين يرفضونها
وتم تهميش هؤلاء الناس وابعادهم عن القرار في العراق منذ الغزو ولحد الان
قصة العنف والحرب الاهلية اظنها تخدم مصلحة ادارة بوش
فهي تلهي الناس في كل مكان عما يحدث حقيقة من تدابير تحت الطاولة
للسيطرة على اقتصاد العراق ومستقبل العراق
و يجري تثبيت هذه القوانين وتمريرها في زحمة هذه الفوضى والصراخ والعنف وسفك الدماء
وعندما تهدأ العاصفة
نرجع ونكتشف اننا امام امر واقع لا يمكن تغييره بسهوله
الدستور, وقانون الاقاليم والفدرالية, وقانون استثمار النفط ومشاركة الانتاج
وجود قواعد عسكريه اجنبيه وسفارة امريكية هي الاضخم في العالم
كل هذه منجزات يجري تثبيتها في العراق لتكون واقع حال لا يمكن تغييره
بينما الان العراقيون يغرقون في بحور من الفوضى والقتل والتهجير
لا يعلمون مالذي يجري من حولهم وماذا يخطط بوش وادارته لمستقبلهم
العراق لن يهدأ اذا ظل المحتل يقتل ويسرق ويخدع
لابد من جدولة انسحاب المحتل
لابد من ترك العراق بيد العراقيين الوطنيين الذين يريدون مصلحة شعبهم قبل كل شيء
هذه هي القصة الحقيقية في العراق
اما قصص بوش عن تنظيم القاعدة وانه موجود ليقضي عليهم
فهؤلاء دخلوا معه لإنجاز مسرحيته المسماة الحرب ضد الارهاب
الحقيقة هي حرب للسيطرة على العراق وثرواته
كما هو الحال لكل دول النفط في المنطقة
من هي الدوله النفطية في الشرق الاوسط وليس فيها قواعد عسكريه امريكية؟

طيب دائما اتساءل : لقد احتلوا منابع النفط في دول عربيه كثيرة بصمت ودون سفك دماء
لماذا يحدث هذا في العراق؟
والجواب اظنه كما يلي : لأن العراقيين عندهم الوعي والثقافة والحضارة
ويرفضون المحتل أوالاجنبي ان يتحكم بهم
عندهم حب للاستقلالية واعتداد بالنفس وشجاعة
فكيف يتم تحطيم كل هذا فيهم واخضاعهم وجعلهم يقبلون وجود المحتل؟
اذن يتم تكسير انوفهم وكرامتهم ووحدتهم وبث فرق الموت ومليشيات طائفية مرتزقة
لقتلهم وتمزيقهم ونشر خرافة الحرب الاهلية بينهم

طيب هل نجحت الخطة ؟
في الظاهر الى حد ما , نعم , نجحت
فقد تم خداع العالم كله بهذه القصص الكاذبه عن الاقتتال الطائفي
وعن ضرورة بقاء القوات المحتله لحماية المدنيين من المتمردين والقاعدة
بينما في الواقع ان الخطة فشلت
فالعراقيون مازالوا يتمسكون بوحدتهم
ويرفضون المحتل ويرفضون الطائفيه والفدراليه ويرفضون بقاء قوات الاحتلال ويرفضون استثمار نفطهم بيد شركات احتكار اجنبيه تمتص دماءهم وتغرقهم بالجوع والجهل
هذا هو حقيقة ما يحدث في العراق من صراعات بعد احتلاله
وسوف تمضي الايام ويتوضح كل شيء

********************** *
حضرت قبل حوالي اسبوعين في ماليزيا مؤتمرا عن جرائم الحرب
المؤتمر عقدته منظمه غير حكوميه يرأسها رئيس الوزراء الماليزي السابق مهاتير محمد
هذه اول مرة اتعرف عليه او اسمعه يتكلم
احترمته كثيرا ..
قال في لقاءه مع الوفود ان الشعوب ينبغي ان تفهم ان قرار الحرب هو ليس احد الخيارات
يعني عندما تحدث مشكلة بين بلدين, ينبغي ان لا توضع الحرب كأحد الحلول , ينبغي حل المشاكل بطرق سلميه دائما
والشعوب كذلك ينبغي لها ان تنتخب رؤساء يحبون السلام , ويوقعون على تعهد بعدم شن حروب ما دامهم في الحكم
اعجبتني الفكرة , كل شعوب الارض محبه للسلام , حتى الشعب الامريكي , لكن حكومته عدوانيه وطماعه ,تخدع شعبها وتقدم مبررات مزيفه , من اجل شن الحروب, او استمرار تمويل هذه الحروب

وفي نهاية المؤتمر قال كلمة اعجبتني جدا , قال يوجد في هذا العالم قوتين عظميين
واحدة قوة الجيوش
وواحدة قوة الرأي العام
ونحن كاشخاص نحب السلام, ينبغي ان نعمل معا على مساندة القوة الثانية, قوة الرأي العام
هذه القوة تسقط حكومات كما فعلت وغيرت حاليا حكومة ايطاليا واسبانيا وغيرت في اميركا غالبية الكونغرس من جمهوريين الى ديمقراطيين , وكل هذه الحكومات كانت مؤيدة للحرب على العراق, لكنها سقطت بفعل شعوب تلك البلدان

والله كلماته اعطتني تفاؤلا كبيرا
فعلا نحن الان نمر بمرحلة حزينه , الناس في العالم يخرجون مظاهرات ضد الحرب, ويرفضون العنف وسفك الدماء, ويرفضون سقوط ضحايا مدنيين, ويرفضون تدمير حياة الاسر الامنه , وتحويل حياتهم الى كابوس مرعب كله خطف وقتل وتفجيرات , كما حدث للشعب العراقي منذ اربع سنوات, البعض قتل او خطف او هرب من بلده , والعوائل تشتت او فقدت بعض افرادها او هربت من بيوتها لتعيش في خيام او في هياكل ابنيه وتشرب المياه غير الصالحه للشرب وتتحسر على بطانيه او مدفاة في هذا البرد او حتى تتحسر على كيلو طحين لتعجن منه خبزا لصغارها

ومازال ثمة حمقى في الحكومات يقولون ان هذه الحرب تستحق التضحيات , المهم اسقطنا نظام صدام حسين
طيب اسالوا انفسكم ما هو البديل الذي قدمتموه للعراقيين البؤساء؟
خربتم بيوتهم ودمرتم اقتصادهم ونغصتم حياتهم وقتلتم رجالهم ونساءهم واطفالهم؟
هل ثمة غباء وحماقه اكثر من هذه؟
تذكرت ابي رحمه الله كان يذكر دائما قصة تشبه ما فعلته الادارة الامريكية في العراق: كان هنالك رجل عنده دب, هذا الدب يحب صاحبه, وفي يوم وقفت ذبابه على انف الرجل, فركض الدب يريد ان يطرد الذبابه , فحمل حجرا كبيرا والقاه على انف الرجل فحطم انفه ووجهه
وقال الرجل للدب لعنة الله عليك وعلى من يتخذك صديقا , لا خير في صديق غبي احمق
هههه كنت اضحك دائما حين اسمع ابي يرويها ...
اليس هذا ما حصل للعراقيين حين جاءت ادارة بوش وغزت العراق بحجة انقاذنا من نظام صدام حسين الدكتاتور؟
***********************
في كثير من الاحيان يسألوني هل مات لك قريب او صديق في هذه الحرب؟
وعادة استغرق في تفكير عميق لاتذكر الاسماء والوجوه التي فقدناها
اليوم اريد ان اتذكر الان بعض الاسماء والوجوه وكيف فقدناهم خلال هذه الحرب السخيفه والاحتلال اللاشرعي لوطننا ...
اول واحد فقدناه كان دكتور وهو طبيب العائله , كان من احسن اطباء العراق, كان نقيب الاطباء ورئيس جامعة بغداد , لا يهمني ان كان بعثيا ام لا , فهذا كلام فارغ تافه
الرجل كان عبقريا , وكان مسالما ودودا مع الجميع
دخل عليه مجموعة مسلحين الى عيادته واطلقوا عليه الرصاص امام المرضى والسكرتيرة وزوجته طبيبه الاطفال التي تشاركه العيادة
هذه كانت اول كارثة , ثم استمر تساقط الاحجار مثل قطع الدومينو ..
الصيدلانية صديقتي التقيتها وهي تلبس ملابس سوداء حدادا على اخيها الشاب قتل بسبب سيارة مفخخة في الشارع
امرأة عمي كانت تنشر الغسيل في الحديقة , جاءت شظية من صاروخ امريكي على حي القادسية ببغداد , وقتلتها فورا
عديل اخي ( يعني زوج اخت زوجته ) تم اطلاق الرصاص عليه في المحل بدون سبب, ربما اسباب طائفيه , هذه موضه جديده دخلت علينا بعد الاحتلال
صيدلانيه صديقتي عندها ثلاثة اطفال , دخل عليها شخص الى الصيدليه في الغزاليه واطلق الرصاص عليها وظلت في المستشفى اسابيع ثم ماتت, لم اصدق, كانت مرحه وحيويه ومحبه للحياة
الصيدلانيه جارتنا في حي الاطباء العامريه, وجدت يافطه سوداء على صيدليتها ذات يوم, وفهمت ان عصابه مسلحه هجموا عليها هي وابنتها في الصيدليه وقتلوها وجرحوا بنتها لغرض السرقه
جارنا تاجر سيارات , قتلوه في شارع العامريه وسرقوا منه سيارته
السائق الذي كان ياخذ رائد الى الجنوب عندما كان يقوم بعمل منظمة سفك لاحصاء الجرحى والقتلى العراقيين, لم يحضر في الاسبوع التالي, قتلوه وسلبوا سيارته منه
المحلات التجاريه في شارع 14 رمضان , قتلوا صاحب محل سيد الاسعار , كان اشهر محل في الشارع , يجلب بضائع صينيه جميله ملابس وتحف وسجاد وكهربائات , قتلوه هو وابنه امام المحل, لا ندري لماذا
محل العاب الاطفال في المنصور قتل صاحبه مع اولاده , لا اعرف لماذا
عمال المخبز امامنا, دخلت عصابه مسلحه قتلتهم وهربت
محل المفروشات امامنا انفجرت امامه سيارة مفخخه , تدمر المحل ومات صاحبه
زوجة دكتور صديقنا خرجت للتسوق اطلقوا عليها الرصاص وسرقوا سيارتها
مهندس نعرفه مقاول قتل بسبب اطلاقات نار عشوائيه على طريق المطار اطلقها جنود الاحتلال المرعوبين من خيالهم
قريب سائق اختي , قتل وهو جالس على كرسي بباب بيته , جاءت طلقة طائشة ضربته في رأسه
اساتذه جامعيين واطباء نعرفهم , كل يوم خبر جديد , تعرفين دكتور فلان؟
اي شبيه؟
قتلوه البارحه امام منزله ..
الخبر عادة تعقبه شهقه , ثم اطراقة حزن طويله ...

في زيارتي الاخيرة , ما عدت اسال اين فلان و اين فلانه ...
قلبي ما عاد يتحمل سماع المزيد من قصص الحزن
هل هؤلاء جميعا ذهبوا ضحية مسرحية تحرير العراق؟
ما هو حجم النصب التذكاري الذي سنبنيه يوما ما لنخلد ذكراهم ؟
وماذا جنينا لحد الان؟
************************************
وماذا اقول عن العراقيين هنا في عمان؟
يقضون ايامهم مرعوبين يفكرون بالاقامه هل سيتم تمديدها ام لا ؟
وما مصير الاولاد في المدارس الخاصه هل سيكملون دراستهم ام نرجعهم الى بغداد ؟
هذا اذا كانت العائلة قادرة على دفع المصاريف الدراسية
اما اذا كانت فقيرة فالاولاد جالسين في البيت بدون دراسه لانه من لا يملك اقامه سنويه لا يحق له وضع اطفاله في مدارس حكوميه مجانيه
والاقامه الدائميه يعني وضع مبلغ 100 الف دولار في البنك لمدة سنه
من يملك هذا المبلغ ؟
والعوائل الفقيرة تعاني من عدم قدرتها على دفع اجرة البيت او مصاريف المعيشه , او اجور العلاج الطبي
محتارين بين نار الغلاء هنا وقلة المورد , وبين العودة لجحيم المفخخات والقتل المجاني في العراق

والمنظمات الدوليه من امم متحدة او وكالة غوث اللاجئين , تعيش على هامش ما يحدث للعراق , كأنها منظمات نائمة تحت التراب , لا علاقة لها بما حدث للعراقيين من كوارث
اغلقوا مكاتبهم في العراق بعد تفجيرها , طيب ماذا تفعل مكاتبهم التي خارج العراق؟
لا شيء, فهي منظمات منقرضة مسلوبة الارادة, بوش يوقظها من سباتها حين يريد استعمالها فقط لتمرير عقوبه على دولة ما...
هههه, والله مهزله , الواحد يحتار, يضحك ام يبكي...
*****************************************
الخلاصة كما اراها ان العالم يمر ضمن مرحلة عصيبة , فالذين يملكون المال والقرار , هم في غالب الاوقات اناس قساة القلوب جشعين بلا ضمير بلا اخلاق بلا رحمه
والناس الذين يملكون الرحمه والاخلاق والضمير,
هم عادة اناس فقراء مهمشين ولا قدرة لديهم على صناعة اي قرار
هنا, اتذكر دعوة مهاتير محمد : ينبغي تفعيل دور هؤلاء الناس
عندما نضع ايدينا مع بعضها البعض , نحن الناس العاديين المحبين للسلا م
سنمتلك طريقة للخلاص من اولئك الاوغاد من الصنف الاول الذين افسدوا حياتنا وحولوا الكرة الارضية الى عالم ما عدنا نحب العيش فيه ..
لابد من ايجاد طريقة للخلاص من هؤلاء المجرمين وازاحتهم عن موقع صنع القرار...
هذه مسؤوليتنا جميعا...

This page is powered by Blogger. Isn't yours?

Extreme Tracker
Links
archives